عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الإدريسي
نفهم أن يساورنا القلق عندما لا يقدم الفريق الوطني، في مباراة ما، ما يؤكد أنه يتطور، يعض بالنواجد على المكتسبات، يصحح ما يبدو من اختلالات، ويأخذ في تشكل أدائه الجماعي منحى تصاعديا، كحال مباراة لوسوطو التي رسمت دوائر من الشك، ما كان يجب أن تتشكل في محيط الفريق الوطني، لو أن وليد لم يجازف بإدخال كل تلك التغييرات على بنية الفريق.
حتى وليد نفسه، يختصر علينا طريق المساءلة، حول أشياء تسوء الفريق الفريق الوطني، عندما يقدم بشكل فوري اعترافات موقعة بخط اليد، فما أكرهه أحد على أن يغير عند مواجهة لوسوطو 90 بالمائة من التشكيل الذي واجه فهود الغابون، وما أجبره أحد على أن ينقل أشرف حكيمي من مركز كان آمنا ومبدعا ومستريحا فيه، من أجل عيون نصير مزراوي، هو من كان عليه أن يعالج بحكمة وجود لاعبين من طراز رفيع في نفس الرواق الأيمن.
ولا أحد فرض على وليد أن يقول بعظمة لسانه ما لا تقبل به كرة القدم التي لا تعترف بالأحكام القطعية، وكأني به لف على عنقه حبلا من نار، فلماذا لا نستمر باللعب بنصير مزراوي ظهيرا أيسر، وقد قدم أكثر من مرة أنه مؤهل أكثر من حكيمي لتحمل صعوبات اللعب ضد الطبيعة.
ولا شيء على الإطلاق، يلزم وليد بأن يأتي لكل ندواته الصحفية مشحونا ليفرغ تضايقه أمام الإعلاميين من أشياء تقال وتروج عنه في الفضاء الأزرق من مؤثرين أو مثرثرين، وهو أعرف الناس بأنه المسؤول الأول على اختياراته والمحاسب الأول على نتائجه، وأن القرارات السليمة هي التي تطبخ على نار هادئة وليس على هشيم الغضب.
يؤمن وليد، وهو صاحب الرأس الصغيرة التي لا تنتفخ ولا تتصلب، بأن الرهان الأكبر الذي أمَّنه عليه المغاربة، هو الفوز بكأس إفريقيا للأمم، وقد تبخر هذا الحلم بكوت ديفوار لأسباب عقلها وليد، فتوكل على الله بمباركة الجامعة ليعاود الركض وراء الرهان الثاني، القبض على اللقب الإفريقي والكأس تجري هنا بالمغرب، على أرضنا، فلماذا يجبر نفسه على القفز على حواجز مصطنعة؟ لماذا يسمح بأشياء لا يقبلها من الأساس؟ لماذا يضبب طريقه ويملأها بالمنعرجات، وهي أصلا طريق منبسطة وسالكة؟
أشعر وكأن هناك فئة لا أعرف لها أصلا ولا لونا، تريد أن تجر وليد إلى مستنقع خطير، تشهر به بمناسبة أو بغير مناسبة، تنصب نفسها ناطقة باسم الشعب لترفع صوت المطالبة بإقالته، ليس مع كل خسارة، لأن الفريق الوطني لم يخسر منذ سقطة سان بيدرو أمام جنوب إفريقيا في كأس إفريقيا للأمم، ولكن مع كل فوز قيصري للفريق الوطني يقترن بأداء غير مقنع، حيث ترتفع المعاول لتهوى على رأس وليد، وذلك يمثل خطرا لا يستهدف فقط الروح المعنوية لوليد الركراكي، ولكن يستهدف أيضا استقرار الفريق الوطني، وإن كان ما علمته عن محيط الأسود، أن بيت الفريق الوطني، سقفه حديد وركنه إسمنت لا يترك ذرة فتنة تخترقه.
خرج الفريق الوطني من اختباري شهر شتنبر بكثير من الإفادات والمعطيات، التي سيعكف وليد على مقاربتها وتفكيكها بحكمة بالغة، وقد قالت له التجارب ألا فائدة من الإقدام على أشياء لا يقتنع بها، ويعترف على الفور بعدم جدواها أو تكرارها.