عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الإدريسي
على وقع سداسية في مرمى جمهورية الكونغو، في مباراة عن ثالث جولات تصفيات كأس العالم 2026، أنهى المنتخب المغربي موسمه الرياضي الأخير الذي كان من حصاده السيء، انكسار الحلم الإفريقي هناك بسواحل العاج، حيث تسيدت مشهد النسخة 34 لكأس إفريقيا للأمم أفيال إيفوارية، ما أعاد لها الحياة غير أسود الأطلس، وكان من مؤشراته المخيفة، أداء إفتقد في كثير من المواجهات للإنسيابية وحتى للتطابق مع الممكنات الفردية، قبل أن ترفع في خاتمة الطريق مباراة الكونغو بعض العتب على المدرب وليد الركراكي.
يعود المنتخب الوطني إذا ليشغل مشهدنا الكروي بعديد الأسئلة، حول درجة التطور في الأداء الجماعي وقد تخلص نسبيا من عباءته المونديالية، وحول صدى السداسية أمام جمهورية الكونغو، في فلسفة اللعب، وحول قدرة وليد على إذابة ما بقي من جليد الشك والإرتياب في قدرته على أن يمنحنا الوجه الجميل لهذا الفريق الوطني.
بالقطع لن يكون الدخول لرحاب موسم كروي جديد لأسود الأطلس وديا ولا تجريبيا، حتى لو أن المباريات الست التي سيلعبونها بشكل مضغوط خلال الأشهر الثلاثة، شتنبر، أكتوبر ونونبر، هي عن تصفيات النسخة 35 لكأس إفريقيا للأمم التي يستضيفها المغرب شهر دجنبر من العام القادم، والأسود بقوة الإستضافة مؤهلون لنهائياتها، فهناك مناطق مشتعلة في كل هذه المباريات، تجعلها مهمة بل واستراتيجية للفريق الوطني، منها أن الفوز فيها جميعها أو جلها حتمية تفرضها حاجة الفريق الوطني لأن يظل في صدارة ترتيب منتخبات إفريقيا عالميا، ومنها أن المحكات على تفاوت قوتها تمثل لوليد الركراكي حلقات موصولة، لكي يحصن أسلوب اللعب ضد أشكال التمييع والإختناق التي شاهدنا منها صورا متكررة منذ العودة من مونديال قطر.
البداية ستكون غدا الجمعة بمواجهة منتخب الغابون التواق لربح المقعد الوحيد الممنوح لمجموعة الأسود، ومع وجود فوارق في بنية هذا المنتخب الذي شكل لنا في سنوات مضت صداعا رهيبا، بل وتسبب لنا في انكسارات وإقصاءات، فإن المحك يبدو ظاهريا قويا ويستحق أن يكون إختبارا للفريق الوطني ولوليد، للتأكد من أن السداسية التي اختتمت الموسم الماضي، لم تكن غمامة صيف وانقشعت.
ما كنا سجلناه على أداء الفريق الوطني بشكل إرتدادي في مباراة زامبيا التي فزنا فيها بهدفين لهدف، أن الأداء الجماعي مفتقد للسلاسة ومصاب بالإختناق وعلى الخصوص، مفتقد للحلول الهجومية، فكانت مباراة جمهورية الكونغو خروجا فعليا من ذاك النفق المخيف، حيث علا البنيان الهجومي وزادت الفعالية الهجومية وبدا الأداء متناسقا ومتوازنا، لذلك سنحرص على معرفة ما إذا كان الفريق الوطني سيبقي على نفس المحتوى الهجومي، خصوصا وأن الأسود يأتون لمباراتي الغابون والليسوتو من دون إصابات وبنسب عالية من الجاهزية.
ومع الحرص على الحفاظ على التماسك والتناغم بتجديد الثقة في الثوابت البشرية، فإن وليد الركراكي سيحتاج لمتخيل كبير لتصور سيناريوهات بديلة في حال ما إذا تعطلت الآلة لهذا السبب أو ذاك، لذلك يبرز السؤال الكبير:
هل سيبدأ الفريق الوطني مباراة الغابون بنفس التشكيل الذي أسقط شهر يونيو الماضي جمهورية الكونغو بسداسية؟
في النهاية ليس هذا هو المهم، بل الذي هو أهم منه أن يفلح وليد في استثمار الرأسمال البشري الذي يحظى به دونا عن كل منتخبات القارة، ليكسب الفريق الهوية التكتيكية التي تبقيه في الريادة، وتقوي حظوظه في كسب الرهان القاري، رهان الفوز باللقب الإفريقي.