عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الإدريسي
كثيرة هي الأسئلة التي طرحها إعلاميون ومحللون، ممن ينتشرون كالفطر في منصات ال«طولك شو»، حول خبايا وأسرار الملف الثلاثي المغربي الإسباني والبرتغالي الذي غدا وحيدا في سباق تنظيم كأس العالم 2030، ولا أتصور أن أحدا قدم لها جوابا رسميا، لذلك لا تعدو تلك الأسئلة، إستفهامية أم إستنكارية أو حتى جدلية، أن تتبخر في الهواء بفعل هواء بارد يطلع من غرف القرار الموصدة.
ولعلكم مثلي قرأتم الكثير من الأخبار وهي في صورة فقاعات تدعي الحقيقة، بينما لا سند لها في واقع الأمر، لأن ما يجري الحديث عنه بين الضالعين في صناعة القرار والموكول لهم بحث الخطوات المراد قطعها على درب تثبيت الملف المونديالي، لا يصل للإعلام، إما لأنه يظل سريا وإما لأنه لم يحسم فيه بشكل نهائي، وأول هذه الأمور ما يرتبط بالخارطة النهائية لكأس العالم 2030، توزيع المباريات والمجموعات وتحديد الملاعب ونسبها بالنسبة لكل بلد من البلدان الثلاثة المتحالفة والمتضامنة في رفع هذا التحدي التاريخي، بجعل مونديال 2030، حدثا غير مسبوق على كافة المستويات.
طيب، وما طبيعة الإجتماع الذي سيعقده رؤساء الجامعات الثلاث يوم السبت بالرباط؟ ما الذي يعنيه خطاب النوايا الذي يفرضه الإتحاد الدولي لكرة القدم، كجزئية مهمة في مسلسل الخطوات التي يمر منها أي ملف؟ لا أحد يمكن أن ينكر بأن الإجتماعات التي تتوالى بين رؤساء الجامعات الثلاث، المغربية، الإسبانية والبرتغالية، والتي ستكون الرباط إحدى محطاتها يوم السبت القادم، تفيض البحث والنقاش حول حيثيات الملف الثلاثي، ما يتعلق بالإلتزامات المشتركة للتطابق مع دفتر التحملات المفروض من قبل الفيفا، في صورة خارطة طريق لا يمكن الخروج عنها، ولعل الخطوة التي تعقب في العادة، تأكيد الترشيح لاستضافة كاس العالم 2030، هي تقديم خطاب النوايا الذي يذيله إلتزام حكومي بالوفاء بكل التعهدات التي يفرضها الفيفا على البلد أو البلدان المترشحة لتنظيم المونديال، ولا ضرورة أن يتضمن هذا الخطاب كل التفاصيل المرتبطة بملاعب التبارى والبنى التحتية الرياضية والمرافق المرتبطة بالإيواء، وما إلى ذلك من مستلزمات التنظيم المتشعبة، والدليل على ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية التي صممت ملفا لتنظيم كأس العالم بمشاركة كل من كندا والمكسيك، وقد حصلت على تصويت الفيفا سنة 2018، لم تقدم كشفا نهائيا بالمدن والملاعب التي ستستضيف المباريات وتحتضن المنتخبات 48 إلا في سنة 2021، أي ثلاث سنوات بعد التصويت عليها منظمة للمونديال من طرف الجمعية العمومية للفيفا، ومتفوقة في ذلك على المغرب بفارق 69 صوتا. ومثلما أن الندوة الصحفية التي ستعقب التوقيع على خطاب النوايا، يمكن أن تستبق في حال حدوث توافقات بين شركاء تنظيم مونديال 2030، وتقدم ملمحا أوليا لما يمكن أن تكون عليه خارطة المونديال وهي تمتد لأول مرة من غرب القارة الإفريقية والأوروبية إلى جنوب القارة الأمريكية، فإنها ستقفز على هذه الجزئية التي ستأتي لاحقا، خصوصا وأن إعلان الفيفا عن أن الملف المغربي، الإسباني والبرتغالي بات المرشح الوحيد لاستضافة النسخة المحتفية بالمائوية الأولى للمونديال، لا يعني أبدا القفز على التسلسل الموضوع لعملية إسناد التنظيم لأي من البلدان المتنافسة، فهناك لجان تفتيش ستتحرك باتجاه الدول الثلاث وهناك عديد الإجتماعات ستعقد، وكل هذه سيتوج بعرض الملف في شكله النهائي على أنظار الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم المخول لها بحسب دستور الفيفا، اعتماد أي من الترشيحات، حتى لو كان وحيدا بلا منافس مع نهاية سنة 2024. وبالنظر لهذا التسلسل الموضوعي والمقنن من طرف الفيفا، فإن ما يتبناه الإعلام الإسباني حول مكان إجراء المباراة النهائية لكأس العالم 2030، على أنه طرح نهائي غير قابل للتفاوض، فيه كثير من الغلو والقفز على الأحداث، فما هو مؤكد لغاية اليوم أن لا قرار صدر بخصوص كوطة الملاعب التي سيتضمنها الملف، باستثناء التصريح الرسمي الذي صدر عن وزيرة الشؤون البرلمانية بالبرتغال، أنّا كاترينا مينديش، التي قالت أن البرتغال ستتقدم بثلاثة ملاعب، هي «النور» و«ألاردي» بلشبونة و«الدراغاو» ببورطو، لأنها الملاعب الوحيدة التي تستجيب لمعايير الفيفا، وأن الحكومة البرتغالية لا تفكر قطعا في بناء ملاعب جديدة. وبصرف النظر، إن كان النهائي سيقام بالملعب الجوهرة ببنسليمان، الذي سيكون بمشيئة الله ثاني أكبر ملاعب العالم، أو بتحفة مدريد سانتياغو برنابيو، فإن طبيعة التشارك بين الدول الثلاثة المتجاورة جغرافيا، وهي همزات وصل بين قارتين، في تنظيم الحدث الكروي الكوني، هو أكبر في رهاناته التنموية والجيوسياسية من مجرد جدال مفتعل من قبل الصحافيين، هو نية معقودة على جعل هذا المونديال آية في الجمال وقطعة من الخيال. المهم حنا دايرين النية..