عن المنتخب المغربية-كتب / بدر الدين الإدريسي
فوق الحزن الذي يمكن أن نبديه جميعا إزاء هذا الوضع المالي الكارثي الذي يحاصر الرجاء الرياضي تقريبا منذ وصولها لوصافة كأس العالم للأندية سنة 2013، وفوق الإستغراب من صلابة جبل المديونية الذي لا يقبل التفتيت، هناك أسئلة تقفز من رماد الحزن، أسئلة تشكك وتسائل وتتهم أيضا. شك في أن يكون هناك مولد سري للأزمة متخف وراء الأكمات الخضراء، ومساءلة من تعاقبوا على رئاسة الرجاء ولم يقدر أي منهم على أن يوقف هذا النزيف القاتل، واتهام صريح بوجود من يرشون الملح على الجرح، ويخرجون اللهب بعد الآخر من المدافع السرية لإحراق البيت الأخضر، ولو أن لا قوة تستطيع إحراق بيت يحرسه الله أولا ويحرسه شعب الرجاء ثانيا.
لعلكم تابعتم آخر حلقات برنامج «دريم تيم» على قناة «إم بي سي 5» وقد نزل ضيفا عليها رئيس نادي الرجاء الرياضي عزيز البدراوي، ولعلكم وقفتم على القنبلة التي فجرها البدراوي الذي أحجم زمنا عن الكلام والتدوين لغايات يعلمها هو، والتي ألخصها في الذي قاله بالمباشر: «عندما تسلمت مقاليد الأمور، أبلغت أن حجم المديونية هو 6 مليارات ونصف المليار سنتيم، بينما هي اليوم 10مليارات».
كيف نقبل أن تكون مديونية الرجاء قد زادت في أقل من 4 أشهر بنسبة 40بالمائة؟
ما الذي فعله البدرواي حتى انتفخت هذه المديونية على عهده؟
وأين نحن من وعوده بتجفيف هذه المديونية بالتدريج؟
الجواب، بلا مزايدات ومن دون حاجة لترافع طويل وعريض، موجود في القنبلة الأخرى التي فجرها البدراوي في ذات الحلقة من ذات البرنامج، قنبلة أن التقرير المالي للموسم الماضي لم يتم التصديق عليه من قبل مكتب الدراسات، وهو ما يعني أن فيه الكثير من النقاط المبهمة والكثير من مناطق الظل التي لا ينعكس عليها ضوء الحسابات، وتلك هي أولى الحقائق المرة والمفجعة، أن المكاتب المسيرة للرجاء تعاملت مع جبل المديونية بكثير من الإستخفاف، إما أدارت له الظهر وإما نفخت فيه فاستشاط غضبا، وفي الأمرين هناك ما يجب أن يساءل عليه من تعاقبوا على الرئاسة، لأن ما يحدث اليوم، مع سقوط قضايا متنازع عليها وملفات محكوم فيها، يجعل هذه الأندية مثل كرة ثلج تتدحرج من قمة الجبل حتى تكاد تحجب الأفق.
ما توصل إليه عزيز البدراوي أن سماء الرجاء منذ أن حل في منصب الرئيس تعج بومضات برق تذهب الصبر والبصر، وتلك الومضات هي ديون مستحقة وواجبة السداد في آماد زمنية محددة بحكم الفيفا، وهي مخلفات مالية في صورة مستحقات متراكمة لعملاء ووكلاء، وهي أيضا مواجهة لما تضمنته بروتوكولات موقعة مع لاعبين مددوا عقودهم (الزنيتي ومكعازي على سبيل المثال لا الحصر) بشرط أن تصفي تركة كبيرة من مستحقات مالية مترتبة عن مواسم سابقة.
كيف إذا لعزيز البدراوي أن يحلم وهو محاط بالكوابيس؟ كيف له أن يخطط ويبرمج وما يراه أمامه سحبا داكنة منها يخرج لهب الخوف؟ كيف له أن ينطلق في بناء العهد الجديد للرجاء وهو مكبل اليدين؟ كيف يمكنه أن يرفع رأسه وعشرات الأحجار الثقيلة تسقط عليه؟
ما أعجبني في الذي شاهدته من عزيز البدراوي، وهو يسرد موجوعا المشهد المالي الكارثي ويصور حجم الأزمة التي تطبق عليه وعلى الرجاء، أنه جبل لا يهزه الريح، ورجل مؤمن بقدرته على تحمل هول الوضع المالي، وسباح ماهر يستطيع مجاراة السيول وحتى التيارات الفاسدة، ولعله في ذلك يستمد قوته من إيمانه بقدراته، وأيضا بصلابته كرجل أعمال ناجح تعود على عبور مطبات عنيفة كهاته..
لكن أكثر شيء يسند عليه البدراوي ظهره ليتحمل وجع الأيام، ويمضي في طريق الأشواك متفائلا بمولد الربيع الأخضر، هو شعب الرجاء الذي يقف شامخا في وجه الزوابع والمدافع، لا يعترف لا بالمعطلات ولا بالموانع، شعب يحمي الرجاء من كل المواقع.