عن المنتخب المغربية-كتب/ بدر الدين الادريسي
كنا نفتش بين كل الزوايا، عن واحدة توضح لنا الرؤية وتجلي عنا الغموض وترفع عنا حرج السؤال المحير، لعلنا نستبين على أي ميناء رسونا مع السيد وحيد خليلودزيتش، هل قبل بمبدإ الجماعة وانكسر بداخله العناد، وما عاد مسموحا له بأن يغلق الباب في وجه أي من اللاعبين المغاربة، ممن تتأكد أهليتهم الفنية والبدنية للتواجد في عرين الأسود؟ أم يا تراه تصلب في قراره وما حاد عنه وبالتالي دله ذلك على بوابة الخروج؟
ما كدنا نستجلي الغموض في ملهاة وحيد زمانه، حتى طالعتنا الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بقرار لا يقبل لا الطعن ولا النقض، إسناد المباراة النهائية لعصبة الأبطال الإفريقية لمركب محمد الخامس بالدار البيضاء للمرة الثانية تواليا، طبعا بعد أن مر القرار بالمساطر القانونية التي تحفظ له هيئته الديمقراطية، والحقيقة ما كان إقرار من هذه الطبيعة الشكلية ليثير ضجة لا أول ولا آخر لها، لولا أن صدور القرار تزامن مع انتهاء جولة ذهاب المربع الذهبي، التي أنبأتنا بأن نهائي الأميرة الصغيرة، سيكون شأنا مغربيا مصريا خالصا، أي أنه سيكون تكرارا لنهائي عام 2017 والذي شهد تتويج الوداد الرياضي باللقب الأفريقي الثاني له على حساب الأهلي المصري.
الجدل الذي سيتحول إلى ردح وتهريج، إنطلق والأهلي يهزم وفاق سطيف برباعية نظيفة، ويحرر بلاغا يقول فيه أن الكونفدرالية الإفريقية عليها البحث عن ملعب محايد للنهائي، لا تكون فيه دول الأندية الأربعة المرشحة لنصف النهائي طرفا، وما كان لإدارة الأهلي أن تستبق وترفع صوت الإحتجاج مبكرا، إلا لأنها أدركت بحاستها أن الوداد الرياضي ماض للنهائي بعد ثلاثيته ذهابا بلواندا أمام بيترو أتلتيكو، ولأنها حصلت على مؤشر قوي يقول بأن مركب محمد الخامس هو المرشح الأوفر حظا لاستقبال النهائي، بل إن اقتراعا حدث بين أعضاء اللجنة التنفيذية رجح كفة «دونور» على حساب ملعب عبدو اللاي واد بالعاصمة السينغالية دكار.
وسينتقل الإحتجاج الإستباقي إلى استنكار وتهديد ووعيد باللجوء للمحكمة الرياضية، والكاف تبلغ مساء الإثنين الماضي بقرارها النهائي، الذي يجعل من مركب محمد الخامس هو مسرح نهائي الأبطال يوم الثلاثين من ماي الحالي، طبعا بعد أن سحبت الجامعة السينغالية لكرة القدم ترشيحها لملعبها الجديد لاستضافة هذا النهائي..
ويثيرني لدرجة كبيرة، أن يكون هناك حديث عن «اختطاف» وعن ضرب لمبدإ «تكافؤ الفرص» وعن «سرقة موصوفة» للنهائي وعن انتفاء «عنصر الحياد»، ولا مجال لسرد ما كان من هرطقات وهلوسات وتعويم ثم توهيم للصورة.
من يتحدث عن ضرورة الإحتكام لملعب محايد للنهائي وقد بات واضحا أن الوداد الرياضي مرشح ليكون طرفا فيه مع الأهلي المصري، ومن يقول بإعمال مبدإ تكافؤ الفرص، يسقط أصل الإدعاء والذي يقول ببطلانه، كيف ذلك؟
ما نعرفه أن الكونفدرالية الإفريقية كانت تبحث في الأصل عن ملعب للنهائي، ولم يأت ذكر لملعب محايد، وكيف يمكن الحديث عن حياد وطلبات العروض فتحت والأندية ما زالت تتبارى في دور المجموعات، فهل كان بيننا من يجزم أن الوداد ولا حتى الأهلي، سيكون أحدهما أو كلاهما في المباراة النهائية؟
وإذا كان من يستحق من الأهلي المصري اللوم والعتاب، فهو الإتحاد المصري الذي لم يرشح أيا من ملاعبه لاستضافة النهائي، وإذا كان من يقع عليه اللوم فهو الأهلي المصري، الذي كان عليه أن يحتج على ترشيح مركب محمد الخامس بالدار البيضاء لمنافسة ملعب عبدو اللاي واد بدكار لاستقبال النهائي، هذا إذا كان وقتها يستطيع أن يتكهن بوصوله هو ثم بوصول الوداد للمباراة النهائية، وإذا كانت الكونفدرالية الإفريقية تلام على أنها أبطأت كثيرا في تعيين ملعب نهائي الأبطال، فإنها تتبرأ من تهمة مجاملة الجامعة، وأبدا لا يمكن أن تتهم بالمحاباة وقد جرى تعيين «دونور» للمرة الثانية تواليا ليكون مسرحا للنهائي الكبير على أساس ديمقراطي وشفاف.
أتصور أن ما يملأ المشهد الإفريقي من لطم وعويل وسفسطة أيضا، لا يجب أبدا أن يشتت تركيزنا على رهان الوداد الرياضي والنهضة البركانية، بالوصول لنهائي عصبة الأبطال ونهائي كأس الكاف، فإن تباعدت بينهما الطرق وحتى السبل، عطفا على ما كان في جولة الذهاب، فإنهما يتوحدان في العزيمة والإصرار على إخراس الأفواه المشككة، وعلى إحباط من يخرجون في كل مرة من جحورهم المتعفنة ليتطاولوا على المغرب وعلى أنديته حسدا منهم..