عن المنتخب المغربية-كتب/ بدر الدين الادريسي
هل بيننا من يرى في التأهل للمونديال للمرة الثانية تواليا، وللمرة السادسة في تاريخ كرة القدم الوطنية، غاية قصوى لا يمكن معها أن نلزم أسودنا بشيء آخر غير التمثيل المشرف؟
لا أتصور أن بين المغاربة من لا يرفع سقف الطموحات عاليا، ومن لا يطالب بحد أقصى من الجهد الجماعي للنسج على منوال جيل الأسود الأسطوري الذي حقق سنة 1986 بالمكسيك إنجازا تاريخيا ببلوغ الدور الثاني، كأول منتخب عربي وإفريقي يحظى بهذا الشرف، ولا أشك في قدرة فريقنا الوطني على أن يكون منافسا في مجموعته على صدارة أو وصافة المجموعة لتحقيق العبور الثاني من نوعه للدور الثاني، برغم كم التشاؤم الذي يندلق على منصات ووسائط الإتصال، بفعل فاعل مستتر، هو نفسه الذي أقسم على الملأ بأن المنتخب المغربي لن يحجز لنفسه مقعدا بمونديال قطر الإستثنائي.
ليس القصد أننا هزمنا أنفسنا بهدف وقعناه بالخطإ في مرمانا، ولكن القصد أننا لم نفطن لكل الشراك ولا الفخاخ التي وضعها أمامنا منتخب إيران، وقد أيقن أن المنتخب المغربي يبتعد عنه تقنيا بمسافات، لذلك سيكون المونديال القادم للأسود نسخة مشابهة تماما مما سلف، أي أن عوامل كثيرة ستتدخل، رياضية واستراتيجية وتقنية، لتفرض نوعية التدبير التكتيكي لكل النزالات، وفي مقدمة هذه العوامل، الجزئيات الصغيرة أو البسيطة التي تكون السيطرة عليها مفتاحا لتحقيق الفوز.
لا أحتاج لما يدلل لي ولكم على القيمة الفنية لكل من المنتخبات الثلاثة التي سنواجهها بقطر، فكما أن منتخبات بلجيكا وكرواتيا تحديدا تجر وراءها تاريخا من اللمعان بالمونديال، فإن الفريق الوطني يحمل بدوره بذرات الطموح، لكن ما سيكون فاصلا في ساعات الجد، الجاهزية التقنية والتكتيكية التي سيكون عليها أي منتخب والقدرة على حسم الجزئيات البسيطة، لطالما أن التركيبة البشرية لكل منتخبات المجموعة تتشكل من لاعبين عرفوا ما يكون عليه المستوى العالي من لزوميات وما يفرضه من ضوابط، بل إن كأس العالم تمثل لهم حلم العمر الذي يتمنون أن يطول في يقظتهم قبل منامهم.
والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا بلا تشنج وبلا مكابرة هو: هل وحيد خليلودزيتش هو المفكر التقني قبل المدرب، الذي يصلح لسفر المونديال؟
هل يملك وحيد المقومات الرياضية والتكتيكية التي تعطي للاعبينا القدرة على رفع التحدي بالمونديال وبالخصوص على حسم الجزئيات البسيطة؟
بالقطع لو سئل وحيد، لأجاب على الفور: «بالطبع أملك تلك المقومات، عودوا إلى مونديال البرازيل 2014 لتتأكدوا من ذلك، لقد نجحت في قيادة منتخب الجزائر لأول مرة في تاريخ مشاركاته بكأس العالم للتأهل للدور الثاني، وقد فعلنا ذلك في مباريات حسمتها هذه الجزئيات الصغيرة التي تتحدثون عنها».
إلا أن ما يصدق على محاربي الصحراء لا يصدق على أسود الأطلس، وما كان عليه مونديال البرازيل قبل 8 سنوات ليس هو نفسه ما سيطبع مونديال قطر، ووحيد الأمس البعيد ليس هو وحيد اليوم، أشياء كثيرة اختلفت وتغيرت، وأبرزها أن الرجل لا يكاد فكره التكتيكي يبين في كل الذي شاهدناه من مباريات للفريق الوطني، بمعزل عن النتائج التي تحققت، والتي إن سلمنا بجودتها قاريا، عرفنا أنها ستستعصي موندياليا بهكذا أداء جماعي.
وقد قلت حتى قبل مواجهتنا المفصلية للمنتخب الكونغولي الديموقراطي، أن مصير وحيد خليلودزيتش لابد وأن يناقش ويحسم بلا تشنج وباستحضار للعديد من المقاربات.
قد تكون المقاربة الرياضية التي ترتبط بالجانب التعاملي والسلوكي، وما جره علينا تطاول وعناد وحيد من أزمات مفتعلة، هي ما استأثر بالنقاش العمومي وأورث العديد من الأحكام ما كان منها منطقيا وموضوعيا ومنها ما كان متجنيا ومتهورا، إلا أن المقاربة التقنية هي ما يعري أمامنا وحيد، وهي ما يكشف عوراته التكتيكية، بل وتقول بأن الرجل الذي أمضى سنتين على رأس الفريق الوطني من دون أن يعطيه هوية لعب قد يكون من الصعب عليه أن يمنحه القدرة على حسم الجزئيات البسيطة في حدث كروي ككأس العالم.