عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الإدريسي
ما نراه من ظواهر سلبية تعشش في أركان بيت كرة القدم الوطنية، وقد نبهنا إليها وحذرنا من إستشرائها، هو ما أفضى في واقع الأمر لهذا التراجع المهول في مستويات البطولة الوطنية، فما عاد إستثناء أن بطولتنا هي عرض لمباريات بمنسوب إبداعي مقبول، وما عاد قاعدة أن أغلب المباريات تطبعها الرتابة، ولا تحمل من بذرات الجودة إلا القليل.
طبعا سنجد لهذا التراجع الكثير من المبررات، منها ما عرضنا له من خلال ملفات ثقيلة ومحذرة، كان ينظر لها لغاية الأسف على أنها تهويل ومغالاة في رسم قتامة الصورة.
يعترف المدربون، بخاصة من خبروا تضاريس البطولة الوطنية، لطول المعاشرة، أن المستويات تراجعت، وأن الموهبة التي تعبر عن نفسها ما عادت بنفس الحجم الذي كانت عليه قبل سنوات، وأن البطولة التي لبست ثوب الإحتراف منذ 14 سنة، تفرز نقيض ما تشتهيه السفن، أن الجودة تراجع منسوبها بشكل فظيع، حتى أنك وأنت تتابع مباراة عن البطولة الإحترافية، تشعر بالإغفاءة التي تتسبب فيها رتابة بل وضعف الأداء الجماعي.
وتتكالب العديد من المثبطات التنظيمية والرياضية والتقنية، لتعطينا هذا المشهد المختل، منها الثقوب الكثيرة التي يشكو منها التكوين القاعدي على مستوى مراكز التكوين داخل الأندية، برغم أننا نعيش منذ بداية الموسم تنزيلا لرؤية جديدة على مستوى التكوين، لأن من هم متواجدون اليوم في حلبة التباري، لاعبون أنهوا تكوينهم المعتل الأول والآخر منذ سنوات.
ومنها أن الأندية لا تحصل في الغالب على مؤطرين مكونين، يستطيعون بالحذاقة والحس والحدس أن يجودوا الجوانب المهارية في اللاعبين، كما كان الحال مع جيل من المؤطرين عرفتهم، وقد نجحوا في إهداء كرة القدم لاعبين رائعين، كان ميؤوسا منهم ذات وقت.
ومنها أن بطولتنا تشهد متوسط أعمار يقول بأنها بطولة طاعنة في السن، لا تعتمد إلا في النادر على لاعبين بأعمار صغيرة.
ومنها أن التدبير الإرتجالي للمرفق التقني داخل الأندية، بكثرة تغيير العوارض التقنية، وبانتداب مدربين لا يتطابقون مع الطبيعة المغربية، ينعكس سلبا على اللاعبين، فيحدث لهم ذلك ضياعا تكتيكيا كاملا.
ومنها أن الأندية وهي تعيش تصدعات مالية قوية جدا، تعكس وضعها المحتقن على اللاعبين بشكل موغل في السلبية، فيتأثرون ذهنيا بما يحدث حولهم، وكلنا يعرف أن ذهنية اللاعب هي التي تتحكم في لياقته البدنية ولياقته التكتيكية.
أعتقد أننا حصلنا على ما يكفي من الإشارات والمؤشرات الدالة على أن كل الظواهر السلبية التي تجثم على صدر كرة القدم الوطنية، هي ما يذهب مباشرة للبطولة الإحترافية فيصيبها بالكثير من التشوهات، فلا يعود هناك مجال للسكوت عنها.