SME-عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الادريسي
هو درب مشيناه، ضاق فيه النفس حينا، تجهمت السماء حينا ثانيا، تهاوى أحيانا صرح الأمل وقد خاب الرجاء مرة ومرتين وخمسا، ولكن ما يئسنا، وما تأففنا وما ضجرنا، ظل الحلم فينا يقظا يطرد كوابيس الهزيمة، والحال أننا لم نكن ننهزم بل كنا نتعلم..
سمع العالم صوتنا، إلتقط إشارة التحدي، وتفحص ملامحنا فوجدها قد ملئت إصرارا كما تمتلئ السماء بالأنجم حرسا، وشهد العالم بأننا لا نقنط، حتى أبهرته مقاربتنا للترشيحات المونديالية التي نسخت الواحدة ما قبلها، إلى أن أذن الوقت بمنح المغرب شرف تنظيم النسخة الأجمل والأرقى، نسخة الإحتفاء بالمائوية الأولى لكأس العالم.
والمغرب يمنح بالإجماع شرف تنظيم كأس العالم 2030، يكون قد تشرف بتنظيم النسخة التي تحتاج لكل أدوات الإبداع لكي تبدو جميلة وأنيقة وجذابة، جمال اللحظة، والعالم كله يحتفل بمرور مائة عام على ميلاد الحدث الرياضي الذي سيشد إليه العالم، بل وسيغدو مع مرور الزمن واحدة من علامات الزمن.
الذين هم من جيلي، الذي عاش مخاض وميلاد الحلم، قبل 36 سنة، يدركون كم كان الطريق شاقا وطويلا، كم وقفنا عند إشارات المنع، كم من مرة استكتروا علينا الحلم، كم من مرة سرقوا من جيوبنا أصواتا في الهزيع الأخير من الليل، وتبخروا في ظلمة الخديعة.
الذين هم من جيلي يدركون كم الصبر الذي تسلحنا به لنعبر المساحات الملغومة، لنسقط الجدارات المانعة، من دون أن ينهار فينا الصبر والأناة، من دون أن نرفع الراية البيضاء، من دون أن نغلق نوافذ الأمل، لذلك تبدو هذه اللحظة التاريخية، والعالم يقر بالإجماع على أننا أهل لتنظيم هذه المونديال، مصدر سعادة لنا جميعا، لأن تنظيم كأس العالم في نسخة تحتفي بالمائوية الأولى للمونديال، هو أجمل هدية يمكن أن يقدمها العالم للمغرب، عربون وفاء وعرفان على مصداقية شعب به تباهي الإنسانية.
ومع الفرح الجماعي الذي يغمرنا، وكأس العالم الأجمل تأتي إلينا، وجب أن ننتبه إلى ما هو أكبر من الملاعب والمرافق والطرق السيارة والمطارات والموانئ، أن نعيش من اليوم كأس العالم، أن نتنفسه، أن نجعله بين ضلوعنا، ليصبح خبزنا اليومي، وليستقر في وعينا.
لقد كانت المسافة بين الشك واليقين طويلة ومتعبة، لذلك فالوصول اليوم إلى يقين أن كأس العالم 2030 سيجعل له من المغرب وإسبانيا والبرتغال بيتا، ليبني فيه صرحه نسخة المونديال الإستثنائية، يكفي لوحده لأن يتبدل فينا السلوك، ليصبح استقبال كل العالم بمناسبة المونديال، مسؤوليتنا الجماعية، نبرز من خلالها هوية مغربنا الضاربة في القدم، ونؤسس من خلالها لمغرب ما بعد 2030، مغرب النهضة والتنمية والأمن والأمان، مغرب السلام والإبداع.
يلا ڤاموس.. نقولها من الآن..
هيا بنا لنعطي العالم المونديال الذي يسكن الخيال، المونديال الذي يقرن الإبداع بالجمال.