عن المنتخب المغربية-بقلم / بدر الدين الإدريسي
ما يعقب الإنجازات الكروية ويتلوها، زمن صعب ودقيق ومحمول على كثير من المخاطر، فإما أن تحضر كل وسائل الإستثمار في هذه الإنجازات لتكون مولدا للطاقة ومساعدا على استدامة النجاح، وإما أن ينقلب نهار الفرح إلى ليل البكاء على الأطلال، وصرح الأحلام يتهاوى.
هذا تحديدا ما يشغل اليوم تفكير المدرب والناخب الوطني وليد الركراكي، وهو يقبل مع أسود الأطلس على مرحلة ما بعد كأس العالم بكل تحدياتها وصعابها، فأن تصبح مركزا ونقطة جاذبية ورأسا مطلوبة من الجميع، وأن تحقق للمغاربة حلم الظفر بكأس إفريقيا للأمم بكوت ديفوار العام القادم، فهذه جبال شامخة يحتاج الصعود مجددا إلى قممها لكثير من الطاقة والصبر ونكران الذات.
ولعل ذلك ما أبرزته لائحة الفريق الوطني الجديدة والتي قدمها وليد للزملاء الصحافيين يوم الإثنين الماضي، لائحة من 30 أسدا تحسبا لوديتين بنكهة لاتينية، الأولى بالملعب الكبير لطنجة أمام منتخب البرازيل المصنف الأول عالميا وصاحب الألقاب الخمسة لكأس العالم، والثانية بملعب ميتروبوليتانو بمدريد، إذ أن الذي يتمعن في قراءة هذه اللائحة سيعرف أي وجهة اختارها وليد الركراكي لتبحر مجددا سفينة الأسود نحو موانئ الفرح.
إختار وليد أن يكون براغماتيا، ألا يتفلسف فيما يبدو له موضوعيا، إذ اختار في تشكيل الكوماندو الجديد الإرتكاز على أمرين لا ثالث لهما، هما معا من وحي السياقات والزمنية والإنتظارات، أولهما الإبقاء على كثلة السعادة، على المقوم البشري للفريق الوطني الذي حقق الإنجاز التاريخي بمونديال قطر، وكأني به يقول لا نغير فريقا يصنع السعادة، والواضح أن وليد ما قرر عدم المس بالثوابت البشرية، بالنظر إلى أن 22 لاعبا من أصل 26 أسدا تواجدوا في المونديال حاضرون، ولا يغيب سوى أربعة، إثنان للإصابة وآخران لاختيارات فنية مرتبطة بالمردود الفني، إلا لأنه يدرك أنه يقف على بعد أقل من سنة من الرهان الكبير الذي قال أنه من أجله جاء على رأس الفريق الوطني، الرهان الإفريقي، المتمثل في منافسة الأسود على اللقب الإفريقي الذي ما ناله المغرب سوى مرة واحدة قبل 47 سنة.
ثاني الأمرين، وقد كان وفاء من وليد بما تعهد به حتى قبل أن يدخل المونديال، عندما قال أن ما بعد كأس العالم، ستكون ورشا لإعداد المستقبل، لذلك عمد وليد إلى المناداة على 6 عناصر جديدة بأعمار أولمبية مسموح لها بأن تجمع في دخولها لعرين الأسود ما بين حلم الوصول لأولمبياد باريس والمنافسة على كأس إفريقيا للأمم بكوت ديفوار، وما بين الرهانين، الإستعداد لحمل مشاعل الأمل في المستقبل.
وباحترامه الكبير للبعدين معا، وقد تأسست عليهما معا مقاربة الإختيار، يكون وليد الركراكي قد تطابق بالكامل مع فسلفة اشتغاله، وسيكون عليه أن يبرر سلامة هذه المقاربة، بأن يشحن عناصر الفريق الوطني بطاقة متجددة تساعد على التحلل من كل الذي راكمته كاس العالم من مشاعر تعجز كل وصف، والشروع مجددا في صعود الجبال بلا تهيب ولا خوف ولا مجازفة، وقبل أن تكون مباراة البرازيل الودية هي المعيار الذي سننظر منه لدواخل الفريق الوطني، فإن وليد محتاج بقوة الخطاب وبكاريزمية الشخصية لأن يعيد الأسود إلى عطشهم وجوعهم حتى يعود زئيرهم ليملأ أرجاء القارة.