عن المنتخب المغربية-بقلم / بدر الدين الإدريسي
من يعتقد أن أسود الأطلس بلغوا حالة من الإشباع وهم يكررون ما أنجزه جيل 1986 هناك بالمكسيك، بالصعود للدور الثاني متصدرين لمجموعة الموت، فهو خاطئ.
ومن يتصور أن الفريق الوطني سيدخل مباراته أمام الماطادور الإسباني متحللا من كل ضغط نفسي، لأنه لن يكون من اليوم مساءلا عن أي شيء، فهو واهم، لأن الضغط المحفز والمحرض والمهيء لكل الحواس لتكون متأهبة، يوجد منه كم كبير في معسكر الفريق الوطني، والسبب بسيط جدا، هو أن منتخبنا الوطني ونحن معه، ندرك أن التاريخ فاتح سجلاته الذهبية ليكتب صفحة جديدة من مجد بلادي، فكيف لا نصنع التاريخ؟
كم من فرصة ستأتي بعد اليوم لنوجد في وضع بهذه المثالية، فلماذا لا يضغط اللاعبون على عيائهم وجراحهم ليكملوا المسير الخرافي؟ لماذا تبدو المعجزة «الكروية» قريبة جدا منا فلا نستجيب للقدر الجميل ونصنع شيئا به تفخر الأجيال الآتية؟
لمباراة إسبانيا سيأتي فريقنا الوطني موقنا من أنه مطلوب لكتابة التاريخ، فلن يخلف الميعاد، يأتي مدركا أن كرة القدم ستعطيه ما يستحق إن هو أسال العرق واغتنم رياحه وفرصه، يأتي مصمما على أن يسمع المونديال زئيرا جديدا يخلده في ذاكرة الناس.
بالطبع يعرف الأسود من يقابلون، وبمن سيحتكون، ومع من يتقاسمون حلم بلوغ الدور ربع النهائي لكاس العالم بقطر، يعرفون أن من سيقابلون في المدينة التعليمية في سابع مباريات الدور ثمن النهائي، منتخب إسبانيا الذي يتوق منذ سنة 2010، سنة تتويجه لأول مرة بكأس العالم، لتيجان جديدة يحملها، ولنياشين وقلادات على صدره يضعها، يريد لشاكلته التي قدمها هدية للعالم أن تعطيه ما بقي من علامات مجيدة.
يعرف فريقنا الوطني أنه سيواجه ملك الإستحواذ، سيواجه فريقا لا يقدر لاعبوه على أن يمشوا مترا واحدا والكرة ليست بحوزتهم، فريق يتنفس بالكرة وبالضغط على المنافس لسحق منظومته الدفاعية، ولئن كان هناك فريق تفوق على الجميع في نسب الإستحواذ، فهو بالتأكيد الماطادور الإسباني الذي حمل للعالم قبل سنوات شاكلة أطلق عليها «تيكي تاكا»، وبها تسيد ناديها برشلونة كرة القدم العالمية ردحا من الزمن.
يعرف فريقنا الوطني أنه سيوضع من بداية المباراة تحت ضغط رهيب، سيحرم من الكرة وسيجبر على المكوث في منطقته لا يبرحها، وأبدا لا يضيره ذلك، لأنه وقد عاش وضعيات مشابهة في مباراتي كرواتيا وبلجيكا، أخبرته كرة القدم أن كثيرا من ملوك الإستحواذ خلعوا من عروشهم وتجرعوا أقوى الهزائم من فرق أذلتهم بسبب استحواذهم السلبي، ولعل آخر مثال دال على هذه الحقيقة الموجعة، مباراة إسبانيا واليابان، التي خسرها الماتادور برغم أن نسبة استحواذه بلغت 82،3 بالمائة مقابل 17،7 للساموري، وعدد تمريراته بلغ 1058 تمريرة مقابل 288 لليابان.
يعرف أسود الأطلس أن الثلاثاء سيكون يوما آخر في زمن صناعة السعادة، لذلك يريدون أن تكون المباراة أمام إسبانيا بداية لحلم جديد، فقد أعطى فريقنا الوطني ومعه ربانه ومدربه وليد السعيد تعريفا جديدا للحلم، الحلم الذي إن ارتبط بالعزم والإصرار والإرادة تحول لحقيقة لا إلى كوابيس.
كيف يمكن أن نفعل بمنتخب إسبانيا ما فعله به اليابانيون، وغيرهم من المنتخبات التي حولت استحواذ المنافس إلى زوبعة رمل أعمت أصحابها؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه وليد على نفسه وعلى أسوده؟
وأظنه يملك الجواب، وأول جواب مفترض، أن يكون الأسود في غاية الهدوء والتركيز وأن تمتلئ صدورهم بما يكفي من الصبر لمقاومة مروحيات الهواء الإسبانية، التي نتمنى ألا تجلب لا ريحا ولا مطرا، وأن تقابلها مرتدات مغربية تكسر الأوتاد وتزعزع العماد..
بالتوفيق لأسودنا، الله معكم، كل المغاربة يساندونكم وكل العرب يدعون لكم، فما عاد لمونديال العرب أمل غيركم..