عن المنتخب المغربية-بقلم بدر الدين الإدريسي
إن أبهرنا أسود الأطلس بمونديالهم الخرافي في قطر، فلماذا لا يبهرنا مونديال اللبؤات بأستراليا ونيوزيلندا؟
لماذا لا تكون اللبؤات شقيقات الأسود في صناعة المجد للوطن؟
كان الفرنسي الرائع هيرفي رونار الذي وضع اللبنات الأولى لعالمية الفريق الوطني بتاهيله لمونديال روسيا 2018، بعد غياب دام 20 عاما عن الحدث الكروي الكوني، والمدرب الحالي للمنتخب النسوي الفرنسي، مباشرا ورائعا في وضع جملة الإبهار في سياقها الجميل، عندما قال وهو يسأل عن مواجهة المنتخب الفرنسي غير المرتقبة ولا المتوقعة لمنتخب المغرب في دور الثمن، وقد كان من أقوى مفاجآت دور مجموعات مونديال السيدات: «أسود الأطلس أنجزوا مونديالا تاريخيا بقطر وهم يبلغون الدور نصف النهائي، واليوم منتخب السيدات يتجاوز الدور الأول للمونديال من أول مشاركة له، ليس هناك شيء من هذا القبيل تصنعه الصدفة، إنه نتاج عمل في العمق برصد كل الإمكانيات وبتدبير إحترافي ومعقلن، وأنا شاهد على ذلك».
ولعل هذا التصريح يجيب على حملات التشكيك والتضليل التي كانت يائسة وبئيسة، تحاول النيل من العمل الجاد والجدي الذي يثمر هكذا نجاحات في كافة الصعد، فما كان لكرة القدم النسوية أن تكتب مجدها على طريقتها في سياقات زمنية مطبوعة بالمنافسة الضارية، وأن تكون أول كرة قدم نسوية عربية تصل للمونديال وتحقق خلاله أول فوز بل وتنجح في تخطي دور المجموعات، لولا أنها احتكمت في انتفاضتها الرائعة لكثير من العقلانية في رصد الإمكانيات وفي استقطاب الكفاءات.
لا يمكن بالقطع أن نقف فقط عند الهزيمتين المنطقيتين أمام المنتخبين الفرنسي والألماني، لكي نبخس أو ننتقص من الإنجاز وهو تاريخي بكل المقاييس، فما نجح المنتخب النسوي في تحقيقه بأستراليا في أول إطلالة له على المونديال يجعله فعلا على كل لسان، بل يدخله أقبية التاريخ لكي يقف في واجهاتها المضيئة، بل إنه كان دليلا قويا ساقه جياني إنفانتينو رئيس الفيفا لكي يدل شعوب العالم على ما فعله المغرب مع كرة القدم النسوية ليطورها في زمن قياسي، بل ويجعله مثالا حيا على قص جدور المستحيل.
طبعا ونحن نعود من مونديالنا التاريخي، في عام كافأنا الله على نوايانا الصالحة أجمل ما تكون المكافأة، يليق بنا أن نحتفي بالنبوغ النسوي المغربي، وقبله أن نقدم لسيدات المغرب كامل الإعتذار على أن بلادنا تأخرت كثيرا في إطلاق العنان للموهبة النسوية لتشدو بجميل ألحانها على مسمع من العالم، ومن بعده أن نتعمق في قراءة رسائل المونديال ونستثمر أيضا في إرثه الجميل.
والقراءة العميقة تحتم علينا أن نضمن منظومة التكوين المحينة كل الدروس المستخلصة من المونديال، لنطور الأداء الفردي والجماعي ولكي نرفع منسوب الثقافة التكتيكية لدى بناتنا ولكي نصحح ما ظهر على طريقة لعبنا من عيوب لا تسمح بها المستويات العالية.
والإستمثار في الإنجاز، هو استدامة الحضور في المونديال، وذاك يحتاج إلى عمل مضني نتمكن به أن نكون دائما مع أفضل أربعة منتخبات بإفريقيا، مادام أن هذا هو العدد الذي تعتمده الفيفا للحضور الإفريقي بكأس العالم للسيدات، وذاك العمل يمر عبر الرفع من قيمة البطولة الوطنية للسيدات، ومن تمكين الأندية النسوية من كل الإمكانيات على مستوى البنيوي والمادي وحتى التأطيري لتنتج الأجيال بعد الأجيال وتكون قادرة على استيعاب الشغف المتنامي لفتياتنا اللواتي أصبحن منبهرات باللبؤات، من الشباك إلى اجرايدي، مرورا بالرضواني وتاكناوت ونسرين الشاد ولهماري.
كل شيء جميل وكل نجاح مفترض للعمل الرياضي، ليس له إلا طريق واحد.. الجدية في العمل.