عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الإدريسي
إنقضى من النسخة الرابعة والثلاثين لكأس
إفريقيا للأمم، نصفها الأول بانتهاء الدور الأول، أو ما مصطلح عليه دور المجموعات، وقد شهدنا فيه ما يشيب له الرأس، من مفاجآت، لو نحن عدنا لسيرورة الأشياء وهامش تطور المنتخبات، لتحفظنا على كلمة «مفاجأة».
وسيكون النصف الثاني والأخير الذي يرسم طريق اللقب، مثيرا وغير محمول على المجازفة، لأن هامش الخطإ فيه صغير جدا، ولأن مجال التعويض فيه شبه
منعدم.
مؤكد أن ما أفرزه دور المجموعات، يقدم لنا المجسم الحقيقي لكرة القدم الإفريقية، حيث تزعزعت بعض الأركان، وغمرت المياه بعض الجزر وسقطت من قمتها العديد من الصروح، كدليل على أن قاعدة احتكار القمم من مدارس تقليدية تكسرت، وأننا بصدد طفرة نوعية وتشكيل جديد لمراكز القوة.
منتخبان فقط من رؤوس المجموعات الست، هما من تطابقا مع الإنتظارات بتسيدهما لمجموعتهما، المنتخب السينغالي البطل، الذي أنهى مبارياته الثلاث بالعلامة الكاملة، وبالتالي لم يمازح أيا من منافسيه، والمنتخب المغربي المونديالي الذي بسط كامل سيطرته على المجموعة السادسة، وقد تنازل مرة واحدة تحت الإكراه عن الفوز أمام المنتخب الكونغولي، فيما عدا ذلك دوى رعد المفاجآت، في المجموعات الأربع الأخرى، المنتخب الإيفواري الذي رمته رباعية غينيا الإستوائية إلى جحيم الإقصاء قبل أن ينتشله المنتخب المغربي بفوزه على الرصاصات النحاسية، والمنتخب الجزائري الذي أخرجه المرابطون من باب الذل والعار، والمنتخب التونسي الذي استحال عليه التحليق أمام خصومه الثلاثة فودع مبكرا، ثم المنتخب المصري الذي تأهل لدور الثمن كثاني المجموعة من دون أي فوز، وبدفاع تصدع في ست مناسبات.
من يقولون إزاء هذا المشهد الغريب، أن المنطق لم يحترم، ويقصدون به منطق الخبرة والمرجعية، لعلهم تناسوا أن ما يحكم كرة القدم اليوم منطق آخر، هو منطق الإشتغال الجدي والعمل في العمق وتسريع الخطو لتقليص الفوارق، وهذا ما حدث بالضبط مع منتخبات أهملتها الترشيحات، مثل غينيا الإستوائية والرأس الأخضر وأنغولا وناميبيا وموريتانيا.
ستكون هذه المنتخبات كلها، وقد تمردت على التوصيفات وحتى على المراكز، وهي تمر للدور ثمن النهائي، أمام اختبار لطول النفس والقدرة على إدارة مواجهات مفصلية تحتاج لكثير من الفطنة والدهاء، غير الجرأة والحماس، لذلك أرى أن من أفلت بجلده من الكبار، قد يرتفع له صوت رهيب في أدوار خروج المغلوب. وأيا كان الأمر، وأيا كانت المحصلة، فإن «كان كوت ديفوار» كشف عن خارطة جديدة لكرة القدم الإفريقية.