عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الإدريسي
من ملك السعد، جاءتنا البشرى السعيدة، وصاحب الجلالة الملك محمد السادس يزف للمغاربة عبر بلاغ صادر عن الديوان الملكي نبأ اختيار المغرب، إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم في نسخته لعام 2030، النسخة التي تحتفي بمائوية الحدث الكروي الكوني الذي وحد العالم، على العشق والشغف، منذ قرن من الزمان.
من دون حاجة لحرب الكواليس، ولا لأرانب السباق ولا لوجع الإنتظار خلف الأكمات وإحصاء الأصوات والنبضات، قررت اللجنة التنفيذية للإتحاد الدولي لكرة القدم أن تجعل من الملف المغربي الإسباني والبرتغالي مرشحا وحيدا لاستضافة كأس العالم لعام 2030، ليتحقق بذلك حلم القارة الذي سعينا إليه منذ سنة 1986، لما قدمنا أول ترشيح لاستضافة مونديال 1994، بتوجيه من الملك العبقري، المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه.
وما انتهت الفيفا بدهاء رئيسها جياني إنفانتينو، لهذه الصيغة، إلا لأنها نجحت بحذاقة كبيرة في إدارة المفاوضات، بأن اهتدت لطرح فريد من نوعه، سيجعل مونديال 2030 يعبر لأول مرة في تاريخه ثلاث قارات، ذلك أن دول أوروغواي، الأرجنتين وباراغواي، ستستضيف المباريات الثلاث الأولى لهذا المونديال، تكريما لها، بمناسبة احتفال كأس العالم بمائويته الأولى، وهي التي كانت أول مستضيف لهذا المونديال، الذي سيوحد العالم من أقصاه إلى أقصاه.
ومن أول يوم أعلن فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن البشرى الأولى، يوم الإحتفاء به في رواندا، من قبل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بمنحه جائزة التميز، عن انضمام المغرب لكل من إسبانيا والبرتغال في مسعاهما لتنظيم كأس العالم 2030، بدا للكل أن الملف الثلاثي الذي يجمع بين قارتين، ويشكل عناقا بين حضارتين، ويعيد رسم السحر الطبيعي والثراء الفكري والثقافي الذي طلع كالفيروز من البحرين، أكبر من أن يقاوم بجاذبيته، وأكبر من أن ينافس لرشاقته وعنفوانه، حتى لو كان المنافس دول لاتينية أربعة كانت مهدا لكرة القدم العالمية.
إن الإجماع الذي حصل عليه المغرب من تنفيذية الفيفا ليكون إلى جانب جاري الوفاق والنماء، إسبانيا والبرتغال، بعد أيام من الإجماع الذي حظي به من تنفيذية الكاف لينظم نسخة 2025 لكأس العالم، هو إجماع الثقة والتقدير لمغرب صدر ملكا وشعبا الكثير من القيم الإنسانية الرفيعة، وجعل العالم كله ينحني أمام صبره وجلده وتشبته بالحلم.
إن الإجماع العالمي بعد القاري على أهلية المغرب ليكون حضنا لحدثين كرويين كبيرين، هو أجمل مكافأة يحصل عليها المغرب، لقاء ما زرعه من أمل وما سقى به الأمل من عمل، وما كان عليه من مروءة وهمة ونضج في تدبير السفر نحو هذا الإجماع.
لقد رأى العالم بأم العين، كما رأت إفريقيا بالعين المجردة، ما كان المغرب ينفقه من جهد ليبدع أنماطا في التدبير، وما كان يتحلى به من صبر لكي يحقق حلمه المونديالي، حلم أن يجمع العالم كله لثاني مرة في القارة السمراء، وقد استعادت شموخها وألقها وطموحها لصناعة المستقبل الجميل، وقد صنع هذا الإجماع بالمصداقية والصدقية، بصوت الحكمة الذي يحضر في تدبير كثير من الملفات، حكمة جسدها عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إبداعه لمشروع تنموي أذهل العالم بصلابته وتماسكه وكم النبوغ الحاضر فيه.
نبارك لأنفسنا كل هذه النجاحات، ونشكر الله على أن هدانا لما نحن فيه اليوم، وندرك أن ما ألقي على عاتقنا مسؤوليات ثقيلة، مسؤولية إسعاد عائلة كرة القدم الإفريقية وهي تجتمع في خيمتنا سنة 2025، ومسؤولية تشريف إفريقيا ونحن نستضيف باسمها كأس العالم سنة 2030، بطموح كبير أن يكون المونديال الثاني على أرض إفريقيا نسخة فريدة من نوعها، جميلة في شكلها ومضمونها.
والله المستعان.