عن المنتخب المغربية–بقلم/ بدر الدين الإدريسي
عندما نقيس حجم المعاناة التي عبر بها المنتخب الوطني حاجز نصف النهاية، وهو يتأهل للأولمبياد ولنهائي كأس إفريقيا للأمم، بالفوزالقيصري والموجع على منتخب مالي، ندرك كم هي جميلة وعادلة ومجنونة هذه الكرة التي تدور حول نفسها فتدور معها رؤوسنا، وندرك أناللحظات الجميلة والخالدة تولد من رحم العذاب والمكابدة والمعاناة، وأن الطريق نحو الألقاب، هي جبال لا يتهيبها الأبطال، وفريقنا الوطنيمشى صابرا في طريق وعرة ليتمكن من حجب الرؤية عن نسور مالية، أفردت أجنحتها حتى أنها أحالت الليلة إلى ظلام دامس، منه تفجرتأكمام الصبح الجميل وهو يؤذن بمولد الفرح الجماعي.
ما كان أحد بيننا يتوقعه نزالا سهلا أمام مالي، وما كان مسموحا للاعبينا أن يتوهموا بأن تلك المباراة كانت تحصيلا لحاصل قوة يتمتع بهاأشبالنا ولا يستطيع أحدا أن يلينها، لذلك وقد تأتى العبور التاريخي في موسم تاريخي، تعانق فيه المونديال بالأولمبياد ليكون نجما لكلالأعياد.
بالطبع لا يمكن لفريقنا الوطني أن يقف عند هذا الحد، أن يكتفي بما أنجزه حتى الآن، صحيح أنه أنجز المهمة الأولى بصناعة التأهلالثامن لكرة القدم المغربية للألعاب الأولمبية، لكن تتبقى له مهمة ثانية لا تقل صعوبة، مهمة إن أفلح فيها دخل بالجيل الحالي للتاريخ، إذسيصبح أول منتخب مغربي يتوج بطلا لهذه الفئة العمرية منذ إحداثها سنة 2011.
ولعلكم تذكرون، أن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم وهي تحدث هذه المنافسة المؤهلة للألعاب الأولمبية سنة 2011، إختارت المغرب لأولالنسخ وطنا، وخلالها نجح الفريق الوطني في الوصول للمباراة النهائية، بعد أن تخطى في مباراة هيتشكوكية منتخب مصر بالفوز عليهبثلاثة أهداف لهدفين، إلا أنه سيخسر اللقاء النهائي أمام منتخب الغابون بهدفين لهدف، لذلك هو ثاني نهائي يدخله منتخبنا الوطني منذإحداث المسابقة، والرهان هو تجريد منتخب مصر من اللقب.
قطعا، ستكون مباراة النهائي أمام مصر، قصة أخرى بحبكة مختلفة وبسيناريوهات مختلفة وبتوابل تكتيكية مختلفة، فإن لم يكن منتخبمصر، كأي من المنتخبات التي قابلها الأسود الأولمبيون، غينيا، غانا ومالي، في معدنها الهجومي وفي خاماتها البشرية الممتازة، فإنهسيكون منتخبا بجسارة وجرأة ومقاسات مختلفة، منتخب يجد راحته في اللعب ببلوك نازل بالتزام وانضباط رهيبين عند أداء الواجباتالدفاعية، وبقدرة رهيبة على إنجاح الإنتقال إلى المبنى الهجومي، فما سجله منتخب مصر من أهداف، لا يزيد عن الهدف الواحد في المباراةالواحدة، ولكنه في مقابل ذلك، يظل الفريق الوحيد الذي تمنعت شباكه على كل الخصوم الذين قابلهم.
ومن جميل الصدف التي تضع للنهائي رسما تكتيكيا مثيرا، كون المنتخبين معا يقفان على طرفي نقيض، فإن كان منتخب مصر هو الأقوىدفاعيا، فإن منتخب المغرب هو صاحب أقوى آلة هجومية، فما سجله في مبارياته الأربع، 10 أهداف، بمعدل يزيد عن الهدفين في كل مباراة،وكلما إلتقى منتخبان على طرفي نقيض في المقوم التكتيكي، كانت المناسبة سانحة لنشاهد مباراة جسورة وجامحة، إن عمد المنتخبالمصري لإغلاقها بمنظومته الدفاعية التي لا تسقط في الماء، عمد المنتخب المغربي إلى فتحها عنوة بما يتمتع به من قدرة رهيبة على تنويعالأداء الهجومي.
وليس صحيحا، أن النهائي سيكون نفسيا أخف وطأة على المنتخبين معا، وقد تحقق لهما هدف الوصول لأولمبياد باريس 2024، فهذهالنسخة، ومن يصل لمباراتها النهائية، لا يمكن إطلاقا أن يتنازل عن حلم الظفر باللقب، وهنا نحن على ثقة من أن الأشبال وقد تعافوا منتبعات نصف النهائي الذهنية والبدنية، لن يهدروا فرصة دخول التاريخ، بأن يكونوا أفضل من الجيل الذي سبقهم، ويهدوا كرة القدم المغربيةلقب هذه الفئة الأول من نوعه.