عن المنتخب المغربية-بقلم/ بدر الدين الإدريسي
نفهم من السعار الذي استبد بالإعلام الإسباني، مجسدا في صحفه الرياضية الأكثر ذيوعا وانتشارا، وهو يقدم الخبر تلو الآخر عن أن إسم الشاب المغربي لامين جمال سيرد في القائمة التي سيكشف عنها المدرب الإسباني لافوينتي غدا الجمعة، للمباراتين اللتين سيخوضهما منتخب لاروخا أمام جيورجيا وقبرص، أن هناك شعورا يصل لحد المخاوف، يسيطر على الجامعة الإسبانية لكرة القدم، من أن يستجيب لامين جمال لنداء القلب ويقرر على غرار ما حصل مع أشرف حكيمي وعبد الصمد الزلزولي الإعراض عن الإنضمام لمنتخب لاروخا واللعب مع المغرب، برغم أنه تقلب بين كل المنتخبات السنية الإسبانية.
نفهم أن يكون هناك كثير من الجموح لحد التهور عند الترويج لأخبار باليقين، عن أن لامين جمال حسم قراره وأنه سيحمل ألوان المنتخب الإسباني وليس غيره، فهذا الإعلام وقف عند الموهبة الخارقة التي يتمتع بها هذا الشاب المغربي، وهو يتجرأ في سن السادسة عشرة من عمره، على أن يقدم مع نادي كبير بقيمة برشلونة فواصل فنية مبهرة، لا يأتي بها في عمره إلا الخوارق، وقد قال الكثيرون أن ما أبدعه لامين جمال في مباراة برشلونة بملعب لاسيراميكا أمام الغواصات الصفراء يجعل منه الخليفة الشرعي للأسطورة ليونيل ميسي، فالإعلام الإسباني الذي جلس متباكيا يوم أخرج أسود الأطلس منتخب لاروخا من الدور ثمن النهائي للمونديال، لم يفته أن يذكر بأن هذا المنتخب المغربي الذي عصف بأحلام لاروخا، كان يضم بين صفوفه لاعبين تكونوا بأكاديميات إسبانية (أشرف حكيمي، منير المحمدي وعبد الصمد الزلزولي) ولاعبين ينشطون في الليغا (ياسين بونو، جواد يميق، يوسف النصيري)، ولعله بذلك أطلق صافرات الإنذار لتغيير المقاربة داخل الجامعة الإسبانية، وتحديدا داخل إدارتها التقنية، كما حصل سابقا بشكل بشع مع فرنسا، بلجيكا وهولندا.
بالقطع لا يستطيع شاب بعمر 16 سنة أن يأخذ قرارا مصيريا كهذا، كما لا يمكنه مهما حاول، أن يقاوم هذا الضغط الرهيب الممارس عليه، أن ينادى عليه للمنتخب الإسباني الأول في هذه السن، وليس الغاية من ذلك أن يستفيد المنتخب الإسباني من مواهبه التقنية الخارقة، ولكن الغاية المتسترة، هي قطع الطريق على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وقد أشعر، بأن المغرب مال ميلة قوية لضم جمال لامين للمواهب الرائعة التي يملكها في عرينه.
وبينما يصر الإعلام الإسباني على نقل أشياء لم يتفوه بها الشاب لامين جمال ولا محيطه الصغير، ليجزم بأن «يامال» سيستجيب لدعوة الناخب الإسباني، تفضل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التحرك بمنتهى الحكمة لمخاطبة قلب ووجدان لامين جمال من دون أدنى ضغط أو ترهيب أو حتى تسويف، فيما يقف نادي برشلونة رافضا في سره لهذا الذي يحاط بلامين جمال من لغط وإشاعات، وهو في أمس الحاجة إلى بيئة معزولة من كل ضغط، حتى لا يتأثر سلبا بهذا التجاذب الرهيب الذي يحدث من حوله.
تريد الجامعة الإسبانية لكرة القدم أن تضرب نظيرتها المغربية، بعيدا عن خطابات الود التي يفرضها ملف الترشيح المشترك مع البرتغال لتنظيم كأس العالم 2030، بذات السلاح الذي استعملته لجعل منير الحدادي يغير جنسيته الرياضية، ويطلب اللعب للمغرب، بعد أن شعر من لاروخا بطعنة الغدر التي أفاق منها متأخرا، وكانت تلك الحالة بالذات قد جعلت الجامعة تقدم ملتمسا للفيفا لتعديل البند المتعلق بتغيير اللاعب لجنسيته الرياضية، إذ يجوز ذلك ما لم يجر اللاعب ثلاث مباريات رسمية مع المنتخب الأول الذي يحمل جنسيته الرياضية، لذلك سارعت الجامعة الإسبانية لكرة القدم، كما فعلت آنفا مع ناخبها السابق فيسنتي ديل بوسكي ليستدعي بشكل عاجل منير الحدادي وقد كان وقتها لامعا في صفوف برشلونة للمنتخب الأول، إلى مطالبة الناخب الإسباني الحالي لافوينتي بتوجيه الدعوة للامين جمال وهو في سن السادسة عشرة من عمره، لينضم للمنتخب الأول، والغاية المبحوث عنها هي إشراك لامين جمال في ثلاث مباريات رسمية، لقطع دابر الشك، والحيلولة دون أي تغيير محتمل لجنسيته الرياضية لاحقا.
لا أريد أن أسميه خبثا ولا تأميما لموهبة تحمل في جيناتها وفي عروقها دما مغربيا، ولكنني أسأل، لماذا لم تعامل الجامعة الإسبانية قبل سنوات ليونيل ميسي كما تعامل اليوم لامين جمال؟
لسبب بسيط، أن والد ليونيل ميسي صدهم من أول محاولة، فقد أخبر برشلونة، أن ليونيل ميسي الذي جاءهم في سن الثانية عشرة، أرجنتيني ولن يلعب لغير الأرجنتين حتى إن حمل لضرورات الإقامة الجنسية الإسبانية، وهو ما كان، فما لعب ليونيل في كل محطاته سوى للمنتخبات الأرجنتينية، وما شعر بالسعادة إلا وهو يحمل ألوان المنتخب الأرجنتيني ويقوده لكي يكون بطلا للعالم، ربما، هكذا كان يجب أن يتصرف من البداية المحيط العائلي الصغير لجمال، أن يقول للإسبان.. ما الحب وما الولاء إلا للوطن الأم.. وليدرك الإعلام الإسباني أن الموهبة تصقل في الأكاديميات، ولكنها جينات تنتقل بين أبناء هذا الوطن الذي أعطى الإنسانية عظماء وموهوبين وخوارق، وحتما لن ينتهي كل شيء، حتى لو قبل لامين جمال دعوة لافوينتي للتربص القادم، فستبدي لهم الأيام ما كانوا له جاهلين..